استعمال الآيات القرآنية وما فيه ذكر للزينة وفي وسائل الاتصال الحديثة وبيعها
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ؛ نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته التاسعة
عشرة المنعقدة بمقر رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في 22ـ27 شوال
1428هـ التي يوافقها 3ـ8 نوفمبر2007م قد نظر في الاستفتاء الوارد لأمانة
المجمع من شركة سابك حول حكم بيع آيات قرآنية على شكل ديكور .
وبعد أن استمع المجلس إلى الأبحاث المقدمة في الموضوع المسؤول عنه،
والمناقشات المستفيضة في ذلك حوله يؤكد على وجوب تعظيم كتاب الله واتباع
هديه ، والالتزام بمقاصده ؛ فقد أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن ليكون
موعظة وعبرة، و شفاء لما في الصدور ، وليهتدي به الناس في عباداتهم
ومعاملاتهم ، ويطبقونه في جميع أمور حياتهم، ويتلوه حق تلاوته تدبراً
وتذكراً ويسترشدوا به في جميع شؤونهم ويأخذوا أنفسهم بالعمل به في كل
أحوالهم، قال تعالى: ( يَا
أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ
لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) وقال سبحانه: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً) وقال : ( قُلْ
هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي
آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ
مَكَانٍ بَعِيدٍ ) ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَاب
ِ) ويؤكد المجلس أن على المسلمين أن يعرفوا لكتاب ربهم منزلته، ويقدروه
قدره، ويجعلوا مقاصده نصب أعينهم، ويتخذوا منه ومن سنة النبي صلى الله
عليه وسلم مناراً يهتدون بهما والمجلس إذ يذكر بهذا ليهيب بالمسلمين
القيام بما يجب عليهم تجاه الآيات القرآنية من احترامها و المحافظة عليها
من الامتهان والعبث ويقرر ما يلي:
أولاً:
جواز كتابة الآيات القرآنية وزخرفتها ، واستخدامها
لمقصد مشروع كأن تكون وسائل إيضاح لتعلم القرآن وتعليمه،وللقراءة والتذكير
والاتعاظ، وفق الضوابط الآتية:
1ـ أن تعامل اللوحات المكتوب فيها القرآن من حيث
الصناعة والنقل.. معاملة طباعة المصحف ، وهذا يوجب اتخاذ الإجراءات التي
تضمن احترام الآيات المكتوبة ، وصيانتها عن الامتهان.
2 ـ عدم التهاون بألفاظ القرآن ومعانيه فلا تصرف عن مدلولها الشرعي ، ولا تبتر عن سياقها.
3 ـ أن لا تصنع بمواد نجسة أو يحرم استعمالها .
4 ـ أن لا تدخل في باب العبث كتقطيع الحروف وإدخال بعض الكلمات في بعض، وأن لا يبالغ في زخرفتها بحيث تصعب قراءتها.
5 ـ أن لا تجعل على صورة ذوات الأرواح كما لو جعلت اللوحة القرآنية على
شكل إنسان ، أو على شكل طائر أو حيوان؛ ونحو ذلك من الأشكال التي لا يليق
وضعها قالباً لآيات القرآن الكريم.
6 ـ أن لا تصنع للتعاويذ المبتدعة وسائر المعتقدات الباطلة، ولا للصناعات المبتذلة ولا لترويج البضائع وإغراء الناس بالشراء.
ثانياً: لا حرج في بيعها وشرائها بالضوابط السابق ذكرها وفق الراجح من أقوال العلماء في بيع المصحف وشرائه.
ثالثاً: لا يجوز استخدام
آيات القرآن الكريم للتنبيه والانتظار في الهواتف الجوالة وما في حكمها؛
وذلك لما في هذا الاستعمال من تعريض القرآن للابتذال والامتهان بقطع
التلاوة وإهمالها، ولأنه قد تتلى الآيات في مواطن لا تليق بها.
وأما تسجيل القرآن الكريم في الهاتف للتلاوة منه أو الاستماع إليه فلا حرج
فيه بل هو عون على نشر القرآن واستماعه وتدبره، ويحصل الثواب بالاستماع
إليه؛ ففيه تذكير وتعليم، وإذاعة له بين المسلمين.
ويوصي المجمع الجهات المسؤولة في الدول الإسلامية بضرورة مراقبة صناعة
اللوحات القرآنية بما يكفلُ عدم حدوث تجاوزات فيها، ومنع استيراد اللوحات
القرآنية وما شابهها من الجهات والدول التي لا تحترم ما في اللوحات من
آيات كريمة.
والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.