و الباب الثاني فيه المشركون و اسمه الجحيم ..
و الباب
الثالث فيه الصابئون و اسمه سَقَر .
و الباب الرابع فيه ابليس و من تَبِعَهُ ، و
المجوس ، و اسمه لَظَى ..
و الباب الخامس فيه اليهود و اسمه الحُطَمَة .
و
الباب السادس فيه النصارى و اسمه العزيز ، ثم أمسكَ جبريلُ حياءً من رسول
الله
صلى الله عليه وسلم ، فقال له عليه السلام: ((ألا تخبرني من سكان الباب
السابع ؟
))
فقال: فيه أهل الكبائر من أمتك الذين ماتوا و لم يتوبوا . فخَرّ النبي
صلى
الله عليه وسلم مغشيّاً عليه، فوضع جبريل رأسه على حِجْرِه حتى أفاق،
فلما
أفاق قال عليه الصلاة و السلام: (( يا جبريل عَظُمَتْ مصيبتي ، و اشتدّ
حزني
، أَوَ يدخل أحدٌ من أمتي النار ؟؟؟ ))
قال: نعم ، أهل الكبائر من أمتك
.
ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، و بكى جبريل .
و دخل رسول الله صلى
الله عليه وسلم منزله و احتجب عن الناس ، فكان لا يخرج
إلا إلى الصلاة يصلي و
يدخل و لا يكلم أحداً، يأخذ في الصلاة يبكي و يتضرّع
إلى الله تعالى .
فلما
كان اليوم الثالث ، أقبل أبو بكر رضي الله عنه حتى وقف بالباب و قال:
السلام
عليكم يا أهل بيت الرحمة، هل إلى رسول الله من سبيل ؟ فلم يُجبه أحد
فتنحّى
باكياً. .
فأقبل عمر رضي الله عنه فوقف بالباب و قال: السلام عليكم يا أهل بيت
الرحمة،
هل إلى رسول الله من سبيل ؟ فلم يُجبه أحد فتنحّى يبكي.
فأقبل سلمان
الفارسي حتى وقف بالباب و قال: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة،
هل إلى مولاي
رسول الله من سبيل ؟ فأقبل يبكي مرة، ويقع مرة، ويقوم أخرى حتى أتى بيت فاطمة ووقف
بالباب ثم قال: السلام عليك يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان علي رضي
الله عنه غائباً ، فقال: يا ابنة رسول الله ، إنّ
رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد احتجب عن الناس فليس يخرج إلا إلى الصلاة
فلا يكلم أحداً و لا يأذن لأحدٍ في
الدلا اله الا الله .
فاشتملت فاطمة بعباءة قطوانية و أقبلت حتى وقفت على باب رسول الله صلى
الله
عليه وسلم ثم سلّمت و قالت : يا رسول الله أنا فاطمة ، ورسول الله
ساجدٌ
يبكي، فرفع رأسه و قال: (( ما بال قرة عيني فاطمة حُجِبَت عني ؟ افتحوا
لها
الباب )ففتح لها الباب فدخلت ، فلما نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بكت بكاءً شديداً لما رأت من حاله مُصفرّاً متغيراً قد ذاب لحم وجهه من البكاء
و
الحزن ، فقالت: يا رسول الله ما الذي نزل عليك ؟!
فقال: (( يا فاطمة جاءني
جبريل و وصف لي أبواب جهنم ، و أخبرني أن في أعلى بابها أهل الكبائر من أمتي ، فذلك
الذي أبكاني و أحزنني ))قالت: يا رسول الله كيف يدخلونها ؟!
قال: (( بلى تسوقهم
الملائكة إلى النار ، و لا تَسْوَدّ وجوههم ، و لا
تَزْرَقّ أعينهم ، و لا
يُخْتَم على أفواههم ، و لا يقرّنون مع الشياطين ، و
لا يوضع عليهم السلاسل و
الأغلال ))
قالت: يا رسول الله كيف تقودهم الملائكة ؟!
قال: (( أما الرجال
فباللحى، و أما النساء فبالذوائب و النواصي .. فكم من ذي
شيبةٍ من أمتي يُقبَضُ
على لحيته وهو ينادي: واشَيْبتاه واضعفاه ، و كم من
شاب قد قُبض على لحيته ،
يُساق إلى النار وهو ينادي: واشباباه واحُسن صورتاه
، و كم من امرأة من أمتي قد
قُبض على ناصيتها تُقاد إلى النار و هي تنادي:
وافضيحتاه واهتك ستراه ، حتى
يُنتهى بهم إلى مالك ، فإذا نظر إليهم مالك قال
للملائكة: من هؤلاء ؟ فما ورد
عليّ من الأشقياء أعجب شأناً من هؤلاء ، لم
تَسْوَدّ وجوههم ولم تَزرقّ أعينهم و
لم يُختَم على أفواههم و لم يُقرّنوا مع
الشياطين و لم توضع السلاسل و الأغلال
في أعناقهم !!
فيقول الملائكة: هكذا أُمِرنا أن نأتيك بهم على هذه الحالة
.
فيقول لهم مالك: يا معشر الأشقياء من أنتم ؟!
وروي في خبر آخر : أنهم لما
قادتهم الملائكة قالوا : وامحمداه ، فلما رأوا
مالكاً نسوا اسم محمد صلى الله
عليه وسلم من هيبته ، فيقول لهم : من أنتم؟
فيقولون: نحن ممن أُنزل علينا
القرآن،ونحن ممن يصوم رمضان . فيقول لهم مالك:ما أُنزل القرآن إلا على أمة محمد صلى
الله عليه وسلم ، فإذا سمعوا اسم محمد صاحوا : نحن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم
.
فيقول لهم مالك : أما كان لكم في القرآن زاجرٌ عن معاصي الله تعالى ..
فإذا
وقف بهم على شفير جهنم، ونظروا إلى النار وإلى الزبانية قالوا: يا مالك
ائذن
لنا نبكي على أنفسنا ، فيأذن لهم ، فيبكون الدموع حتى لم يبق لهم دموع
،
فيبكون الدم ، فيقول مالك: ما أحسن هذا البكاء لو كان في الدنيا، فلو كان
في
الدنيا من خشية الله ما مسّتكم النار اليوم .
فيقول مالك للزبانية :
ألقوهم .. ألقوهم في النار
فإذا أُلقوا في النار نادوا بأجمعهم : لا إله إلا
الله ، فترجع النار عنهم ،
فيقول مالك: يا نار خذيهم، فتقول : كيف آخذهم و هم
يقولون لا إله إلا الله؟
فيقول مالك: نعم، بذلك أمر رب العرش، فتأخذهم ، فمنهم
من تأخذه إلى قدميه،
ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حقويه،
ومنهم من تأخذه إلى
حلقه، فإذا أهوت النار إلى وجهه قال مالك: لا تحرقي وجوههم
فطالما سجدوا
للرحمن في الدنيا، و لا تحرقي قلوبهم فلطالما عطشوا في شهر رمضان .
فيبقون ماشاء الله فيها ، ويقولون: يا أرحم الراحمين يا حنّان يا منّان، فإذا
أنفذ
الله تعالى حكمه قال: يا جبريل ما فعل العاصون من أمة محمد صلى الله
عليه
وسلم ؟ فيقول: اللهم أنت أعلم بهم . فيقول انطلق فانظر ما حالهم
فينطلق
جبريل عليه السلام إلى مالك و هو على منبر من نار في وسط جهنم، فإذا
نظر مالك
على جبريل عليه السلام قام تعظيماً له ، فيقول له يا جبريل :
ماأدخلك هذا الموضع
؟ فيقول: ما فَعَلْتَ بالعصابة العاصية من أمة محمد ؟
فيقول مالك: ما أسوأ حالهم
و أضيَق مكانهم،قد أُحرِقَت أجسامهم، و أُكِلَت
لحومهم، وبقِيَت وجوههم و قلوبهم
يتلألأ فيها الإيمان .
فيقول جبريل: ارفع الطبق عنهم حتى انظر إليهم . قال فيأمر
مالك الخَزَنَة
فيرفعون الطبق عنهم، فإذا نظروا إلى جبريل وإلى حُسن خَلقه،
علموا أنه ليس من
ملائكة العذاب فيقولون : من هذا العبد الذي لم نر أحداً قط
أحسن منه ؟ فيقول
مالك : هذا جبريل الكريم الذي كان يأتي محمداً صلى الله عليه
وسلم بالوحي ،
فإذا سمعوا ذِكْر محمد صلى الله عليه وسلم صاحوا بأجمعهم: يا
جبريل أقرئ
محمداً صلى الله عليه وسلم منا السلام، وأخبره أن معاصينا فرّقت
بيننا وبينك،
وأخبره بسوء حالنا .
فينطلق جبريل حتى يقوم بين يدي الله تعالى
، فيقول الله تعالى: كيف رأيت أمة
محمد؟ فيقول: يارب ما أسوأ حالهم و أضيق
مكانهم .
فيقول: هل سألوك شيئاً ؟ فيقول: يا رب نعم، سألوني أن أُقرئ نبيّهم
منهم
السلام و أُخبره بسوء حالهم فيقول الله تعالى : انطلق فأخبره .
فينطلق
جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في خيمة من درّة بيضاء لها
أربعة آلاف
باب، لكل باب مصراعان من ذهب ، فيقول: يا محمد . قد جئتك من عندالعصابة العصاة
الذين يُعذّبون من أمتك في النار ، وهم يُقرِئُونك السلام
ويقولون ما أسوأ
حالنا، وأضيق مكاننا .
فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم إلى تحت العرش فيخرّ
ساجداً ويثني على الله
تعالى ثناءً لم يثنِ عليه أحد مثله ..
فيقول الله
تعالى : ارفع رأسك ، و سَلْ تُعْطَ ، و اشفع تُشفّع .
فيقول: (( يا رب الأشقياء
من أمتي قد أنفذتَ فيهم حكمك وانتقمت منهم، فشفّعني
فيهم )
فيقول الله تعالى
: قد شفّعتك فيهم ، فَأْتِ النار فأخرِج منها من قال لا إله
إلا الله . فينطلق
النبي صلىالله عليه وسلم فإذا نظر مالك النبي صلى الله
عليه وسلم قام تعظيماً له
فيقول : (( يا مالك ما حال أمتي الأشقياء ؟! ))
فيقول: ما أسوأ حالهم و أضيق
مكانهم . فيقول محمد صلى الله عليه وسلم : ((
افتح الباب و ارفع الطبق )) ، فإذا
نظر أصحاب النار إلى محمد صلى الله عليه
وسلم صاحوا بأجمعهم فيقولون: يا محمد ،
أَحْرَقت النار جلودنا و أحرقت
أكبادنا، فيُخرجهم جميعاً و قد صاروا فحماً قد
أكلتهم النار فينطلق بهم إلى
نهر بباب الجنة يسمى نهر الحيوان ، فيغتسلون منه
فيخرجون منه شباباً جُرْدَاً
مُرْدَاً مُكحّلين و كأنّ وجوههم مثل القمر ، مكتوب
على جباههم "الجهنّميون
عتقاء الرحمن من النار" ، فيدخلون الجنة فإذا رأى أهل
النار أن المسلمين قد
أُخرجوا منها قالوا : يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من
النار، وهو قوله
تعالى :
} رُبّمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفََرَواْ لَوْ
كَانُواْ مُسْلِمِينَ { [
الحجر:2 ]
و عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(( اذكروا من النار ما شئتم، فلا
تذكرون شيئاً إلا وهي أشد منه ))
و قال: ((
إنّ أَهْوَن أهل النار عذاباً لَرجلٌ في رجليه نعلان من نار ،
يغلي منهما دماغه،
كأنه مرجل، مسامعه جمر، وأضراسه جمر، و أشفاره لهب
النيران، و تخرج أحشاء بطنه
من قدميه ، و إنه لَيَرى أنه أشد أهل النار
عذاباً، و إنه مِن أهون أهل النار
عذاباً ))
* وعن ميمون بن مهران أنه لما نزلت هذه الآية : } وَ إِنَّ
جَهَنّمَ
لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ { [ الحجر:43 ] ، وضع سلمان يده على رأسه و
خرج