لم يعد أغلب المصريين يعيشون لحظتهم أو يستمتعون بوقتهم، إنهم لايستمتعون بحاضرهم، فهم إما منشغلون بما فات أو بما هو آت، والسبب هو إساءة استخدامهم لوسائل الاتصال الحديثة.. فالمصريون إما جالسون وحدهم أمام أجهزة الكمبيوترأو هم على سماعة الموبايل لفترات طويلة، يتحدثون فى ماذا؟ لا أعرف! ولكنى أكاد أجزم بأن أغلب ما يتكلمون فيه ليس ذا شأن مهم، ولا داعٍ له أصلا ثم تأتى الفاتورة ويعتصرون ألما..فى رأيى أن الموبايل وسيلة اتصال مفيدة حقا إذا اقتصر استخدامها على الأمور المهمة أو الطارئة فهى ضرورية لرجل أعمال أو طبيب أو أفراد الأمن مثلا، ولكنها بالتأكيد ليست ضرورية لكل طفل وتلميذ وكل فرد فى الأسرة بالله عليكم، ما الداعى لأن تمتلك الأسرة أربعة أو خمسة موبايلات؟
لقد عاش المصريون وغيرهم من قبل دون أن يكون لديهم موبايل واحد، وكانوا يعتمدون على التليفون العادى أو التليفون العام، أما وقد توصل الإنسان إلى هذه الوسيلة الرائعة، فلاداعٍ لإساءة استخدامها وتبديد الموارد.. الإنسان المصرى لم يعد يعيش لحظته فعلا، بل هو على سماعة الموبايل وهو يقود سيارته، وهو يعبر الطريق، وهو داخل المحال التجارية، حتى وهو فى البحر أو على الشاطئ، وكأنما لايريد لنفسه أن يستجم أو يستريح لايريد التواصل الاجتماعى المباشر مع من حوله، فيما أصبح يسعى للتواصل مع طرف بعيد عنه عبر الموبايل يالها من عزلة. هناك مخاطر كثيرة فى الإفراط فى استخدام الموبايل ويربط بينه وبين احتمال الإصابة بأورام فى المخ إن استخدام هذه التليفونات لأكثر من عشر سنوات يمكن أن يضاعف احتمال الإصابة بسرطان المخ، وبالتالى فإن الاعتماد الكثيف عليها قد يكون أكثر خطرا على صحة الإنسان من التدخين أو حتى مادة الأسبيستوس التى كانت تستخدم فى مواد الطلاء ثم اكتُشف أنها مادة مسرطنة الأرقام تشير إلى أن هناك حاليا حوالى 50 مليون شخص فى مصر يستخدمون الموبايل، وهو رقم فى التزايد كل يوم حتى بين الأطفال الصغارالذين يستخدمونه الآن من سن ثلاث سنوات.. وتكمن الخطورة،، فى أن الإشعاع المنبعث من هذه التليفونات اللاسلكية يمكن أن يسخن جانب الرأس بالقرب من الأذن، أو ربما يتفاعل بشكل كهربى حرارى مع المخ، كما أن أدوات البلوتوث والسماعات غير المحمية يمكن أن تجعل من رأس المستخدم "هوائيا فعالا ينطوى على ضرر لصاحبه"..الموبايل مازال اختراعا عبقريا، ولكننا أسأنا استخدامه وأسرفنا فيه إسرافا شديدا قبل أن نتأكد من سلامته التامة عبر سنين طويلة من التجربة. ربما كانت هذه دعوة لأن نتخلى ولو قليلا عن بعض العادات السيئة التى اكتسبناها من إساءة استخدام التكنولوجيا الحديثة، ولنعش اللحظة، كفانا هروبا من الحاضر، كفانا إسرافا وتضييعا لأوقاتنا. لنتفاعل مع من حولنا ونستفيد من اللحظة الراهنة، وسوف تجد لذلك أثرا جيدا عليك ماليا وثقافيا واجتماعيا، وصحيا.